مقالات تحليلية

تقرير يكشف خسارة أثرياء العالم حوالي 10 تريليون دولار في عام 2022

02-Mar-2023

أصدرت شركة الاستشارات العقارية المستقلة نايت فرانك، ومقرها لندن، المملكة المتحدة، تقرير الثروة السنوي في 1 مارس 2023. يقدم التقرير مراجعة وتوقعات لاتجاهات سوق الثروة والاستثمار والعقارات، في وقت تأخذ المخاطر التي يواجهها المستثمرون في الازدياد، مع تسليط الضوء على مجموعة الفرص الآخذة في الانفتاح. وفقا للموقع الرسمي لنايت فرانك، فإن تقرير الثروة هو دليل شامل لأسواق العقارات، وتوزيع الثروة العالمية، والتهديدات والفرص للثروة، وفرص الاستثمار العقاري التجاري، والعمل الخيري واتجاهات الإنفاق الفاخرة.

وفقا للتقرير، في وقت تسارع فيه التغيير الاقتصادي والجيوسياسي، خسر أغنى أثرياء العالم ما مجموعه 10 تريليونات دولار، أو 10%، من صافي ثروتهم في عام 2022. نتج ذلك عن ما تم وصفه بـ"صدمة ثلاثية" تتكون أهم أفرعها من عدم اليقين الاقتصادي العالمي وأزمة الطاقة والحرب في أوكرانيا. 

يعرف نايت فرانك "الأفراد ذوي الثروات الفائقة"، أو "ultra-high net worth individuals" (UHNWIs) بأنهم الأشخاص الذين يمتلكون ثروة صافية تبلغ 30 مليون دولار أو أكثر، تشمل محل الإقامة الأساسي والمنازل الأخرى التي لا يتم الاحتفاظ بها كاستثمارات. شهد 218,000 شخص حول العالم، مصنفين ضمن هذه المجموعة، انخفاضا في ثرواتهم المجمعة بنسبة 10%، من 101.5 تريليون دولار في عام 2021 إلى 91.4 تريليون دولار في عام 2022، ما يمثل أكبر انخفاض سنوي في ثروات مجموعة (UHNWIs)، منذ نشر الدراسة السنوية لأول مرة في عام 2010.

القارة الأوروبية كانت في قلب الأزمة، حيث عانت من أكبر انخفاض في صافي الثروة بمتوسط انخفاض قدره 17٪، تليها أوقيانوسيا بنسبة 11٪ والأمريكتين بنسبة 10٪، بينما سجلت أفريقيا وآسيا انخفاضات أقل بنسبة 5٪ و 7٪ على التوالي.

قال ليام بيلي، رئيس الأبحاث في نايت فرانك ورئيس تحرير تقرير الثروة، إنه بعد سنوات من المكاسب الضخمة، عانى الأثرياء من "صدمة تاريخية"، موضحا أن "الأزمة الأوكرانية غذت أزمة الطاقة الأوروبية وزادت من التضخم المرتفع بالفعل... نتيجة لذلك، شهد عام 2022 واحدة من أشد الحركات التصاعدية في أسعار الفائدة العالمية في التاريخ".

وجد التقرير أن أربعة فقط من كل عشر أثرياء قد زادوا من حجم ثروتهم العام الماضي، مؤكد أن "الاتجاه السائد كان سلبيا"، مع انخفاض في قيمة العقارات السكنية، والاستثمارات العقارية التجارية، والدخل الثابت، و "استثمارات الشغف" مثل الفن أو النبيذ النادر والويسكي. يقول بيلي: "الانخفاض في الثروة ليس مفاجئا بالنظر إلى المحور الدراماتيكي في السياسة النقدية الذي بلغ ذروته في أسوأ أداء للمحفظة الاستثمارية التقليدية المخلوطة منذ ثلاثينيات القرن الماضي... في العام الماضي، غذت الأزمة الأوكرانية أزمة الطاقة الأوروبية والتضخم المتصاعد بالفعل".

عدم اليقين الاقتصادي العالمي، الذي تفاقم بسبب الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع التضخم وارتفاع أسعار الفائدة، أدى إلى إثارة التقلبات في الأسواق المالية العالمية، التي سقطت إلى مرحلة "الدب" في عام 2022، بعد 13 عاما من مرحلة "الثور". ومع ذلك، يتوقع 69٪ من المستثمرين الأثرياء الذين شملهم استطلاع نايت فرانك تنمية محافظهم الاستثمارية هذا العام. هذه الثقة مدفوعة بإعادة تسعير الأصول وفرص القيمة المتصورة والانتعاش الاقتصادي المتوقع. قال حوالي 33٪ من المستجيبين إن هدفهم الرئيسي في عام 2023 هو زيادة رأس المال، بينما يركز 25٪ على الحفاظ على الثروة. 

تزامن ذلك مع عمل البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم على زيادة أسعار الفائدة لكبح جماح التضخم. على سبيل المثال، رفع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة ثماني مرات منذ مارس 2022 لخفض التضخم، الذي بلغ أعلى مستوياته في 40 عاما، إلى نطاق مستهدف يبلغ 2٪. من جهة أخرى، في يناير 2023، رفع صندوق النقد الدولي تقديراته للنمو الاقتصادي العالمي في عام 2023 بنسبة 0.2٪. يقدر النمو الآن بنسبة 2.9٪ لهذا العام، مقارنة بنسبة 3.4٪ في عام 2022.

يتناول التقرير تصنيف آخر من الأثرياء، وهم "الأفراد ذوي الثروات العالية"، أو "High-net-worth individuals"  (HNWIs)، الذين يعرفون بأنهم أشخاص يبلغ مقدار ثروتهم الصافية 1 مليون دولار أو أكثر، بما في ذلك محل إقامتهم الأساسي. أفراد هذه المجموعة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ يبدون تفاؤلا أكبر بشأن النمو، في حين أن الحفاظ على الثروة هو الهدف الأول لأفراد المجموعة في أوروبا والولايات المتحدة، حيث تؤثر أسعار الفائدة على الاقتصاد.

حسب التقرير، من المتوقع "حصول زيادات في مخصصات الاستثمار، حيث يتطلع ما يقرب من ثلث المستثمرين إلى الاستثمارات العقارية لتوفير التحوط من التضخم والتنويع ... هذا النهج الحذر سيدفع 29٪ من المستثمرين إلى تخفيض أحجام ديونهم". وأشار التقرير إلى أن الإجراءات التي طبقتها الحكومات للتعامل مع جائحة كوفيد 19 أنتجت زيادة الرغبة في التنقل بين أثرياء العالم، حيث قال 13٪ من الأثرياء إنهم يخططون للحصول على جواز سفر أو جنسية ثانية. 

الإمارات مركزا دوليا للثروة

يذكر التقرير أنه من المتوقع أن تنمو سنغافورة ودبي بسرعة كمراكز للثروة. وقد أجرت شركة هينلي وشركاه، التي تتعقب اتجاهات الثروة الخاصة وهجرة الاستثمار في جميع أنحاء العالم، ومقرها دبي، في سبتمبر الماضي استطلاع منفصل، احتلت فيه دبي المرتبة 23 بين أكثر المدن شعبية في العالم بين الأثرياء. إذ ارتفع عدد سكان المدينة من الأثرياء إلى 67,900، ارتفاعا من 54,000 في يونيو من العام الماضي. في حين ارتفع عدد المليارديرات من واحد إلى 13 في عام 2022 وقفز عدد أصحاب الملايين إلى 3,170 من 2,480. 

في السنوات الأخيرة، أجرت دولة الإمارات العربية المتحدة، ثاني أكبر اقتصاد في العالم العربي، العديد من الإصلاحات الاقتصادية والقانونية والاجتماعية لتعزيز بيئة الأعمال، وزيادة الاستثمار الأجنبي المباشر، وجذب العمال المهرة بتأشيرات جديدة، وتقديم حوافز للشركات لإنشاء أو توسيع عملياتها.

في عام 2019، تم إدخال تعديلات على مبادرة الإقامة الذهبية لمدة 10 سنوات لتوسيع فئات المستفيدين. كما قدمت دولة الإمارات العربية المتحدة تأشيرة بدوية رقمية لمدة عام واحد في مارس 2021، تسمح للأشخاص بالعيش في الإمارات مع الاستمرار في العمل لدى أصحاب العمل في بلدانهم الأصلية. 

إنفاق متزايد على العقارات الفاخرة

على الرغم من الانخفاضات في ثرواتهم، لا يزال الأثرياء ينفقون الملايين على منازل فاخرة جديدة. وفي لندن ونيويورك، تم تغيير ملكية 43 منزلا بأكثر من 25 مليون دولار لكل منها في كلتا المدينتين العام الماضي. وهذا يمثل زيادة بنسبة 26٪ في المبيعات فوق عتبة الأسعار الفائقة في لندن، ولكن انخفاضا بنسبة 35٪ في نيويورك. وجاءت لوس أنجلوس في المركز الثالث بـ39 عملية بيع، تليها هونغ كونغ (28) وميامي (23).

وقال بيلي: "على الرغم من الرياح الاقتصادية المعاكسة المتزايدة وعدم اليقين المتزايد، فإن أثرياء العالم يلتزمون بالعقارات السكنية الفاخرة، وتمثل لندن ونيويورك أبرز المدن في الطلب على المبيعات فائقة الجودة". في حين أنه من المحتمل حدوث تباطؤ في المبيعات الفاخرة هذا العام، يرجح بيلي أن إعادة فتح الصين والشهية المستمرة للمشتريات التي يقودها نمط حياة الأثرياء ستدعم المبيعات.

50