تم بالخرطوم التوقيع على الإتفاق السياسي الإطاري بين المكون العسكري وقوى الحرية والتغيير المجلس المركزي، وسط حضور إقليمي ودولي والآلية الثلاثية للامم المتحدة والاتحاد الافريقي والايقاد. نص الاتفاق على أن الفترة الانتقالية ستكون مدتها 24 شهرا تبدأ من تاريخ تعيين رئيس للوزراء، على أن يكون رأس الدولة قائدا أعلى للقوات المسلحة. كما نص أيضا على تنقية الجيش من أي وجود سياسي حزبي، وعلى أن القوات المسلحة تتخذ عقيدة تلتزم بالقانون والدستور وتقر بالنظام الديمقراطي. ونص كذلك على ترسيخ مبدأ العدالة والمحاسبة، بما فيه آليات العدالة الانتقالية، وعلى تعزيز حق جميع المواطنين بالمشاركة المدنية وتقويم مستويات الحكم الانتقالي.
رحّبت الأمم المتحدة ودول عدة بالاتفاق وقال ممثل الأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتس إن توقيع الاتفاق هو "نتاج جهود متواصلة قامت بها الأطراف السودانية على مدى العام المنقضي لإيجاد حل للأزمة السياسية والعودة الى النظام الدستوري". ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش "كل الأطراف السودانية الى العمل بدون تأخير على المرحلة المقبلة من العملية الانتقالية للاستجابة للمشاكل المتبقية بهدف التوصل الى اتفاق دائم وجامع سياسيا".
ورحبت الولايات المتحدة والنروج والمملكة المتحدة والإمارات والسعودية بتوقيع الاتفاق واعتبرت في بيان مشترك أصدرته وزارة الخارجية الأميركية "إنها خطوة أولى أساسية نحو تشكيل حكومة بقيادة مدنيين وتحديد ترتيبات دستورية لتوجيه السودان خلال فترة انتقالية تفضي إلى انتخابات". من جانبها، رحّبت فرنسا بـ “تقدم كبير" ودعت إلى "تشكيل حكومة مدنية في أسرع وقت ممكن".
كذلك رحب أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية بالتوقيع على الاتفاق السياسي الإطاري كخطوة نحو تحقيق الوفاق الوطني السوداني المنشود. كما أكد بيان اصدرته وزارة الخارجية المصرية أن الاتفاق يعد خطوة هامة ومحورية لإرساء المبادئ المتعلقة بهياكل الحكم في السودان.
ومنذ الانقلاب، تشهد البلاد تظاهرات واحتجاجات شبه أسبوعية تعرضت بانتظام لقمع قوات الامن ما أسفر عن سقوط 212 قتيلا على الأقل، فيما تزايدت وتيرة العنف القبلي في مناطق عدة. وفي موازاة الاضطرابات السياسية والأمنية، تعمقت الأزمة الاقتصادية في السودان، بعد أن علقت الدول الغربية المساعدات المالية التي تدفقت على هذا البلد عقب اطاحة البشير وتشكيل السلطات الانتقالية، واشترطت عودة الحكم المدني لاستئنافها.
الاتفاق هو الشق الأول من عملية سياسية على مرحلتين ترتكز على مسودة الدستور التي أعدتها نقابة المحامين السودانيين أخيرا، بحسب بيان قوى الحرية والتغيير. أما الشق الثاني من الاتفاق ويشمل قضايا عدة من بينها العدالة الانتقالية واصلاح الجيش فينتظر ان يتم الانتهاء منه "في غضون أسابيع".
واعتبر محللون الاتفاق "غامضا وفضفاضا". وقالت الباحثة السودانية خلود خير لفرانس برس "من الصعب معرفة الى أي مدى سيحظى هذا الاتفاق بالشعبية". وأضافت قبل التوقيع على الاتفاق "لا أحد يعرف على وجه الدقة ماذا يتضمن هذا الاتفاق والمسكوت عنه يثير القلق"، مشيرة الى أن الموقعين سيواجهون على الأرجح "أزمة عند مناقشة إصلاح قطاع الأمن والعدالة الانتقالية".
مكونات الإتفاق السياسي الإطاري
يتكون الاتفاق من المبادئ العامة التي تشمل ترسيخ مبدأ العدالة والمحاسبة وآليات العدالة الانتقالية ووضع حد للإفلات من العقاب وأيضاً التأكيد على جيش مهنى واحد وملتزم بالعقيدة العسكرية الموحدة، وإقامة سلطة مدنية بالكامل دون مشاركة القوات النظامية فضلا عن البنود التالية:
- الفترة الانتقالية تحدد بعامين منذ لحظة تعيين رئيس وزراء، واختيار رئيس وزراء انتقالي من قبل قوى الثورة الموقعة على الاتفاق الإطاري.
- بحسب الاتفاق الإطاري، رئيس الدولة سيكون القائد العام للجيش. كما أنه يوسع من صلاحيات رئيس الوزراء في الفترة الانتقالية.
- إطلاق عملية شاملة لصناعة الدستور، ,تنظيم عملية انتخابية شاملة بنهاية فترة انتقالية مدتها 24 شهرا على أن يتم تحديد مطلوباتها والتحضير لها في الدستور الانتقالي، لتكون ذات مصداقية وشفافية وتتمتع بالنزاهة.
- قضية الإصلاح الأمني والعسكري الذي يقود إلى جيش مهني وقومي واحد يحمى حدود البلاد والحكم المدني الديمقراطي وينأى بالجيش عن السياسة
- ضرورة إصلاح جميع الأجهزة النظامية وتحديد مهامها
- قضية ازالة تمكين نظام المعزول وتفكيكه في كافة مؤسسات الدولة واسترداد الاموال والأصول المتحصل عليها بطرق غير مشروعة، ومراجعة القرارات التي بموجبها تم إلغاء قرارات لجنة ازالة التمكين.
- الاصلاح القانوني و اصلاح الأجهزة العدلية بما يحقق استقلاليتها ومهنيتها
- ايقاف التدهور الإقتصادي ومعالجة الازمة المعيشية
- تنفيذ اتفاق سلام جوبا مع تقييمه وتقويمه
- استكمال السلام مع الحركات المسلحة غير الموقعة..
- انتهاج سياسة خارجية متوازنة تحقق المصالح الوطنية العليا للدولة
هياكل السلطة الانتقالية:
- تتكون هياكل السلطة الانتقالية بحسب ما نص عليه الاتفاق الاطاري من مستوى سيادي ومجلس وزراء ومجلس تشريعي وهي مؤسسات مدنية بالكامل
- تمثيل النساء في المجلس التشريعي بنسبة 40%
- المستوى السيادي سيكون مدني و محدود العددد بمهام شرفية.
- يتشكل مجلس الأمن والدفاع برئاسة رئيس الوزراء وعضوية الوزارات ذات الصلة وقادة الأجهزة النظامية .
- تشكل المفوضيات المستقلة والمتخصصة والمجالس العدلية والنيابية
الأجهزة النظامية ومهامها:
- يأتي في مقدمة الأجهزة النظامية القوات المسلحة وقوات الدعم السريع وقوات الشرطة وجهاز المخابرات العامة .
- القوات المسلحة وفق ما نص عليه الاتفاق الاطاري فهي مؤسسة نظامية قومية غير حزبية وبعقيدة تلتزم بالنظام الدستوري والمدني
- تضطلع القوات المسلحة بمهامها وفق ما نص عليه قانونها
- عليها كذلك تنفيذ المهام الواردة بالاتفاق الاطاري مثل تنفيذ السياسات المتعلقة بالإصلاح الأمني والعسكري وفق خطة الحكومة الانتقالية
- يتضمن الاصلاح أن تدمج في القوات المسلحة قوات الدعم السريع وفق الجداول الزمنية المتفق عليها، كذلك دمج قوات الحركات المسلحة وفقاً لبند الترتيبات الأمنية الوارد في اتفاقية جوبا
- حظر تكوين مليشيات عسكرية أو شبه عسكرية
- حظر مزاولة القوات المسلحة الأعمال الاستثمارية والتجارية ما عدا تلك التي تتعلق بالتصنيع الحربي والمهمات العسكرية
القضايا التي تحتاج لمزيد من المشاورات بغية الوصول لاتفاق نهائي :
- في مقدمة هذه القضايا قضية العدالة والعدالة الإنتقالية
- تليها قضية اتفاق جوبا لسلام السودان
- إزالة تمكين نظام الرئيس المعزول
- الإصلاح الأمني والعسكري
- قضية الشرق بوضع الترتيبات المناسبة لاستقرار شرق السودان، وبما يحقق السلام العادل والمشاركة في السلطة
الداعمون والرافضون والمتحفظون
أثار الاتفاق جدلا في الشارع السوداني بين رافض ومتحفظ ومؤيد:
الرافضون: تضم قائمة الرافضين مجموعات متباينة فكريا وسياسيا وعلى رأسهم تنظيم الإخوان وواجهاته المختلفة المنضوية تحت ما يسمى "التيار الإسلامي العريض" والحزب الشيوعي وتجمع المهنيين الأصل والحزب الاتحادي الديمقراطي بزعامة محمد عثمان الميرغني؛ إضافة إلى حركات مسلحة موقعة على اتفاق السلام السوداني، وعدد كبير من لجان المقاومة التي تقود الحراك الحالي في الشارع.
المؤيدون: تتمثل الأطراف الموقعة في قيادتي الجيش والدعم السريع وقوى الانتقال المكونة من قوى الحرية والتغيير- المجلس المركزي- وجماعتي المؤتمر الشعبي المنفصل في تسعينيات القرن الماضي من المؤتمر الوطني - الجناح السياسي للإخوان؛ ويحظى الاتفاق بتأييد كبير من المجتمع الدولي والإقليمي والامم المتحدة.
المتحفظون: تحفظ حزب البعث العربي الاشتراكي العضو في قوى الحرية والتغيير على الاتفاق وأعلن انسحابه من التوقيع عليه.