مقالات تحليلية

تايوان فريسة تناقض المواقف الأمريكية والصينية

21-Mar-2023

منذ أن قامت رئيسة مجلس النواب الأمريكي "نانسي بيلوسي" بزيارة تايبيه في أوائل أغسطس 2022، والتقت بالرئيسة التايوانية "تساي إنغ وين" ونشطاء الديمقراطية وحقوق الإنسان، والوضع يزداد توتراً بين واشنطن وبكين بشأن تايوان. ومنذ ذلك الحين عبرت الطائرات العسكرية الصينية خط الوسط مئات المرات، وواصلت عبوره بشكل شبه يومي، مما أدى فعلياً إلى محو أي سبل للحل، حيث مارست جمهورية الصين الشعبية ضغطاً إضافياً من خلال العقوبات ووقف الصادرات والهجمات الإلكترونية.

وفي جلسة استماع عقدها الكونغرس الأمريكي يوم الأربعاء 8 مارس، قال مدير المخابرات الوطنية الأمريكية "أفريل هينز" إن الرئيس الصيني "شي جين بينغ" من المرجح أن يضغط على تايوان، ويحاول تقويض نفوذ الولايات المتحدة خلال فترة رئاسته الثالثة. وكانت الصين من بين أهم اهتمامات أعضاء مجلس الشيوخ في الجلسة، حيث تم الضغط على "هينز" ورؤساء المخابرات الآخرين بشأن كل شيء يتعلق بطموحات الصين العالمية، من أخطار التطبيقات الإلكترونية، كالتيك توك، إلى ملف قضية "التسرب من المختبر" الخاص بكوفيد-19، فضلاً عن علاقاتها بروسيا وإيران والحرب في أوكرانيا. (CNN, 8 March 2023).

ردود فعل صينية متباينة

تكررت في الآونة الأخيرة تحذيرات بكين لواشنطن من عدم التدخل في شؤونها الخاصة، وخاصة فيما يتعلق بأزمتها مع تايوان، والكف عن زرع الفوضى ومحاولة تضليل العالم بشأن تلك المسألة. وفي تعليق للمتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية "ماو نينغ"، قالت إن مسألة تايوان شأن داخلي محض للصين، ولقد حان الوقت لأن تتوقف الولايات المتحدة عن السير على حافة الهاوية وتخطي حدودها. 

ومن الواضح أن حديثها كان رداً على بعض التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية الأمريكي "أنتوني بلينكن" بشأن تايوان، والتي وصفتها بأنها غير مسؤولة وعبثية. حتى أنها هددت بأنه إذا صمم البيت الأبيض على المضي في هذا المسار الخاطئ، فستكون هناك عواقب حقيقية، ستكبد الولايات المتحدة تكاليف باهظة. وشددت على أن تايوان جزء لا يتجزأ من الصين. ومبدأ صين واحدة هو معيار أساسي معترف به عالمياً في العلاقات الدولية، وشرط سياسي مهم وأساس لعلاقات الصين الدبلوماسية مع دول العالم. كما أنها الأساس السياسي للعلاقات الصينية الأمريكية، والخط الأحمر الأول الذي لا يمكن تجاوزه في هذه العلاقة، مؤكدة أن الصين لن تسمح أبداً لأي قوى خارجية بالتدخل في شؤونها الداخلية. (صحيفة الشعب الصينية، 28 فبراير 2023).

وقبل جلسة استماع الكونغرس، صرح وزير الخارجية الصيني "تشين جانغ" في مؤتمر صحفي عقد على هامش الدورة السنوية الحالية للمجلس الوطني الرابع عشر لنواب الشعب الصيني، بأنه يتعين على الولايات المتحدة التوقف عن محاولات احتواء الصين باستغلال مسألة تايوان والعودة إلى أساس مبدأ صين واحدة. وإذا كانت واشنطن تتطلع حقاً إلى أن يكون هناك سلام في مضيق تايوان، فعليها أن تحترم التزامها السياسي تجاه الصين وأن تعارض بشكل قاطع وتحبط ما يسمى "استقلال تايوان". (وكالة أنباء شينخوا، 7 مارس 2023).

ويبدو أن المطالب الصينية تتلخص في رغبتها في تحمل واشنطن مسؤولية التسبب في أزمة تايوان، والتوقف عن دعم أي نيات انفصالية تهدد مصالح الصين. وأن إجراءات الصين الأخيرة لعزل تايوان هي ما دفعت الكونغرس إلى تبني هذه النبرة الحادة في التعامل مع الملف الصيني. 

من المعروف أن محاولات عزل تايوان ليست جديدة، فقد أمر المسؤولون الصينيون الشركات الأجنبية عام 2018، بما في ذلك شركات الطيران التي تشغل رحلات جوية إلى الصين، بتصحيح المواقع الإلكترونية التي تدرج تايوان كدولة، وكذلك إزالة صور علمها. حتى أنهم أغلقوا الموقع الصيني لماريوت، أحد أكبر سلاسل الفنادق في العالم، لمدة أسبوع كعقوبة لتصنيف تايوان كدولة في استبيان العملاء، ما أدى إلى دعوة مستخدمي الإنترنت القوميين في الصين إلى مقاطعة سلسلة الفنادق وعدم التعامل معها. (The Guardian, 12 Jan 2018). 

وهناك أيضاً قوانين صينية صارمة تجرم كل ما يضر بالوحدة الوطنية الصينية، وهو ما يقلق مشغلي الأعمال التجارية الأجانب في بكين، فالوقوع في أخطاء واسعة النطاق لقوانين الأمن الإلكتروني والوطني تضر بأعمالهم ضرراً بالغاً. وهو ما دفع إدارة ماريوت للاعتذار وإصدار بيان جاء فيه: "لن ندعم مطلقاً أي منظمة انفصالية من شأنها تقويض سيادة الصين ووحدة أراضيها". كما نشرت "إكونومست" مؤخراً اعتذاراً لشركة طيران دلتا عن إيذاء مشاعر الشعب الصيني، ووعدت سلسلة محلات الأزياء الأوروبية "زارا" بإجراء فحص دقيق في تعاملاتها مع تايوان، حتى لا تفقد سوقاً تجارية ضخمة كالسوق الصينية. (Economist, 18 Jan. 2023)

وفي محاولة لكبح التحركات الأمريكية التي تهدف إلى دعم تايوان عسكرياً، قررت الصين في 16 فبراير الماضي فرض عقوبات على الشركات الأمريكية بسبب مبيعات الأسلحة لتايوان، وأعلنت وزارة التجارة الصينية أن من بينها شركتي رايثون ولوكهيد مارتن. (Bloomberg, 16 Feb. 2023).

ولكن تلك اللهجة الحادة في التعامل مع تعاطي الدول مع مسألة تايوان هدأت قليلاً خلال الأيام الأولى من شهر مارس الجاري، حيث خفف رئيس مجلس الدولة الصيني المنتهية ولايته "لي كه تشيانغ"، من لهجته بشأن القضايا المتعلقة بتايوان أثناء تسليمه تقريره إلى المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، متجنباً المزيد من ردود الفعل العكسية من الجزيرة المتمتعة بالحكم الذاتي أثناء إجراء الانتخابات الرئاسية. وأكد على ضرورة إحلال السلام بين الجانبين في موضعين بالتقرير، مما يشير إلى استعداد بكين لتقليل التوتر بين الجانبين. وعلى غير العادة لم يذكر في تقريره أي معارضة للتدخل الأجنبي في تايوان، وتم تغيير صياغة "معارضة أي أنشطة انفصالية تسعى إلى استقلال تايوان" إلى "معارضة الاستقلال وتعزيز إعادة التوحيد". (وكالة أنباء شينخوا، 5 مارس 2023). 

إن امتناع "لي" عن الإشارة إلى أن الصين لن تتخلى أبداً عن حق استخدام القوة ضد تايوان - وهو ادعاء متشدد يستخدمه كثيراً المسؤولون الصينيون، كتصريح الزعيم الصيني "شي جين بينغ" في مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني العام الماضي - هو أمر يثير العديد من التساؤلات حول طريقة تعامل الصين مع أزمة تايوان في فترة الرئيس "شي" الثالثة، فعلى الرغم من أن تلك النبرة المعتدلة لا تتعارض مع سياسة بكين المعلنة تجاه تايوان، فلا يزال خطها الأحمر بخصوص معارضة استقلال تايوان ثابتاً. وستظل بكين ملتزمة بردع أي تحركات تتجه نحو استقلال تايوان، لكنها قد تكون أكثر حذراً بشأن كيفية تعاملها في هذا الشأن.

قال "تشين يو هوا"، الأستاذ المساعد في جامعة أكيتا الدولية، لصحيفة "جابان تايمز" إن تلك النبرة اللطيفة تأتي في الوقت الذي تواجه فيه بكين البيئة الجيوسياسية المتدهورة في الأشهر الأخيرة، وأن قضية تايوان أصبحت تشكل أولوية منخفضة بالنسبة لبكين. في الوقت الراهن "على بكين أن تقلق بشأن الكثير من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية هذا العام، بما في ذلك النمو الاقتصادي والاستدامة المالية وتناقص عدد السكان بشكل عام". وبالمثل، قال الأستاذ في جامعة نيفادا في لاس فيغاس "أوستن وانغ" للصحيفة إن الصين تحاول أن تتسم بالصبر وانتظار نتائج الانتخابات الرئاسية المقبلة في تايوان العام المقبل لتحديد طبيعة الخطوة القادمة. (Japan Times, 9 March 2023).

ويبدو أن نبرة الاستياء من الموقف الأمريكي تغيرت أيضاً بعد جلسة الاستماع في الكونجرس التي انعقدت في 8 مارس، خاصة وأن الرئيس "شي" كان يستعد لخوض جولته الانتخابية والتي جاءت نتيجتها بفوزه بفترة ثالثة، فوجب عليه تجنب إثارة أي معارك سياسية خارجية خلال إقامة هذا الاستحقاق الانتخابي. حيث صرح مسؤول بوزارة التجارة الصينية أن الصين منفتحة على رغبة وزيرة التجارة الأمريكية "جينا ريموندو" في زيارة بكين هذا العام، وقال إنه من المهم للغاية أن تحافظ وزارتا التجارة في الجانبين على الحوار والتواصل. وجاء تصريحه في الوقت الذي لم تعلن الوزيرة الأمريكية عن أية اقتراحات بزيارة الصين. (China Radio International, 9 March 2023).

النيات الأمريكية تجاه مسألة تايوان

تشير العديد من الدلائل إلى أن واشنطن لن تسمح لبكين بالانفراد بتايوان والاعتداء عليها، فمنذ يناير الماضي، تسعى الولايات المتحدة إلى توثيق التعاون مع الجزيرة، حيث تفاوض الجانبان في إطار المبادرة الأمريكية التايوانية بشأن تجارة القرن الحادي والعشرين، والتي شهدت مناقشات حول تسهيل التجارة بينهما وتنظيمها في مواجهة الاقتصادي الصيني، (Japan Times, 9 March 2023). كما أكدت مصادر لصحيفة فاينانشيال تايمز أن "مايكل تشيس"، كبير المسؤولين عن الملف الصيني بوزارة الدفاع الأمريكية، سافر إلى تايوان، وهو أكبر مسؤول دفاعي أمريكي يسافر إلى تايوان دورياً منذ أربع سنوات، ولم يعلق البنتاغون على تلك الرحلات من قريب أو بعيد. (Financial Times, 17 Feb. 2023).

وفي المقابل التقى وزير خارجية تايوان ورئيس مجلسها للأمن القومي مع نائب وزير الخارجية الأمريكية ومسؤولين كبار آخرين في 22 فبراير الماضي، ونشرت الصحيفة التايوانية "فوكاس تايوان" أن اللقاء استمر نحو سبع ساعات، (Focus Taiwan, 22 Feb. 2023). ورفض المتحدث باسم وزارة الخارجية التعليق على الاجتماع، لكنه قال إن الولايات المتحدة وتايوان تحافظان على علاقة قوية، وفي ذلك إشارة تهديد واضحة لبكين بأن واشنطن سوف تدافع عن مصالحها في الجزيرة. وفي الوقت ذاته نشرت "نيويورك تايمز" أن بعض أعضاء مجلس النواب الأمريكي قاموا بزيارات رسمية إلى تايوان لمناقشة تعزيز العلاقات، حيث دعا المشرعون في المجلس الحكومة الأمريكية إلى الإسراع في تسليم الأسلحة إلى تايوان، تحسباً لأي تحركات صينية. (New York Times, 22 Feb. 2023).

إن كافة الوقائع حالياً تدل على أن واشنطن لن تترك تايوان وحدها في مواجهة الصين، خاصة وأنها اعتزمت مؤخراً رفع أعداد مدربي الجيش التايواني إلى 200 مدرب أمريكي بعد أن كان عددهم 30 قبل عام، ويبدو أنها تعدها لحرب محتملة مع الصين، (Wall Street Journal, 23 Feb. 2023). وهو ما أيده كلا الحزبين في مجلس النواب الأمريكي، في جلسة الاستماع التي عقدت في 27 فبراير الماضي، حيث وصف السيناتور "مايك غالاغر" المنافسة بين الولايات المتحدة والصين بأنها صراع وجودي. وأيده في ذلك كبير الديمقراطيين في اللجنة، ممثل ولاية إلينوي "رجا كريشنامورثي"، الذي قال إن الديمقراطيين والجمهوريين قللوا من شأن الحزب الشيوعي الصيني الحاكم في العقود الأخيرة. وأعطت لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب الضوء الأخضر للعديد من مشاريع قوانين العقوبات المتعلقة بالصين، (Bloomberg, 28 Feb. 2023). ومن المعروف أنه تم إنشاء تلك اللجنة في يناير الماضي بهدف حشد الدعم لفصل اقتصادات الولايات المتحدة عن الصين بشكل انتقائي، ولفت الانتباه إلى انتهاكات حقوق الإنسان في بكين. (The Associated Press, 1 March 2023) 

ولم ينته الأمر عند هذا الحد، بل قررت واشنطن بيع أسلحة جديدة بقيمة 619 مليون دولار لتايوان، بما في ذلك صواريخ بحرية متطورة، (Reuters, 2 March 2023). ومن المرجح أن تزيد مبيعات الأسلحة من توتر العلاقات - المتوترة بالفعل - بين واشنطن وبكين، التي طالبت مراراً وتكراراً بوقف مثل هذه الصفقات، معتبرة إياها دعماً غيرَ مبرر لتايوان. 

على أية حال، يبدو أن الغزو الروسي لأوكرانيا أثار المخاوف الأمريكية بشأن نيات بكين تجاه الجزيرة، حيث حدد بعض المسؤولين الأمريكيين عامي 2025 أو 2027 كموعد نهائي محتمل لمحاولة إعادة توحيد تايوان مع الصين بالقوة العسكرية، ما أدى إلى كل تلك التحركات الديبلوماسية والعسكرية الداعمة لتايوان، كان آخرها تأكيد رئيس مجلس النواب الأمريكي "كيفين مكاثي"، قبل انعقاد لجنة الاستماع الأخيرة في الكونجرس الأمريكي بيوم واحد، على وجود خطط للقاء رئيسة تايوان "تساي إنغ وين" في كاليفورنيا هذا العام لبحث المسألة التايوانية. (Japan Times, 9 March 2023).

تقييم المواقف

الحقيقة أن سوء التعامل مع مسألة تايوان من الجانبين سوف يهز أساس العلاقات الصينية الأمريكية بشكل غير مسبوق، فتايوان في صميم المصالح الجوهرية للصين، وعماد الأساس السياسي للعلاقات بينها وبين واشنطن منذ اتفاقات عام 1979، وهي الخط الأحمر الأول الذي يجب عدم تجاوزه في تلك العلاقة. وتعامل الولايات المتحدة مع هذا الملف يتسم بالشدة والحزم مع الجانب الصيني، وتقابل بكين ذلك بالعناد، على الرغم من أن المرونة الديبلوماسية من الممكن أن تحقق نتائج مرضية للجميع.

إن الولايات المتحدة تتعامل بازدواجية واضحة مع القضايا الدولية المتشابهة، فهي تتحدث عن احترام سيادة أوكرانيا ووحدة وسلامة أراضيها، بينما لا تحترم سيادة الصين ووحدة وسلامة أراضيها بشأن مسألة تايوان، في الوقت الذي تعترف فيه دائماً بأن علاقاتها مع تايوان "غير رسمية". بالإضافة إلى ذلك، لماذا تطلب واشنطن من بكين عدم تزويد روسيا بالأسلحة، بينما تواصل هي بيع الأسلحة لتايوان. تجب عليها محاولة إحلال السلام في الموقفين، إذا كانت دولة تدعو إلى السلام كما تدعي. 

من المعروف أن البيان المشترك بين الولايات المتحدة وجمهورية الصين الشعبية لعام 1979 في عهد الرئيس "جيمي كارتر" يعد اعترافاً سياسياً واضحاً بحكومة الصين على أنها الحكومة الشرعية الوحيدة لأرض الصين كلها، بما فيها تايوان، واعترفت آنذاك ضمنياً بالموقف الصيني المتمثل بوجود صين واحدة وأن تايوان جزء لا يتجزأ منها. ونتيجة لذلك اضطرت الولايات المتحدة إلى قطع العلاقات مع تايوان، وأغلقت سفارتها في تايبيه. لكنها في العام نفسه أقرت أيضاً قانون العلاقات مع تايوان، والذي يضمن دعم الجزيرة، وينص على أنه يجب على واشنطن مساعدة تايوان في الدفاع عن نفسها. ومع ازدياد حدة الخطاب الصيني تجاه السياسة الأمريكية في الجزيرة، تعهد البيت الأبيض في بيانات تالية بإخراج القوات الأمريكية من تايوان، وإنهاء بيع الأسلحة لها تدريجياً، لكنها تستمر في إرسال السلاح واستفزاز بكين.

وعلى الرغم من كل المواقف الأمريكية المتناقضة والتي تزيد الموقف تأزماً، تحاول الصين حالياً تخفيف حدة تهديداتها لتايوان، فبعد أن كانت تلوح باستخدام القوة العسكرية الغاشمة، أصبحت تركز على نشر ثقافة التاريخ المشترك بينهما، وهو موقف يتناقض أيضاً مع مواقفها السابقة. وقد تهدف تلك اللغة الجديدة في تقارير الصين خلال الأسابيع الأخيرة إلى منح بكين درجة من المرونة فيما يتعلق بوقت وكيفية استجابتها للتحديات التي تواجه "مبدأ الصين الواحدة". وفي الوقت نفسه تعيد التأكيد على هدفها طويل الأجل المتمثل في إعادة التوحيد السلمي وتقديم صورتها كقوة عظمى مسؤولة ومسالمة في عالم أصبح على حافة الهاوية.

على أية حال، فإن تخفيف الصين للتوترات في مضيق تايوان لن يجعلها تتخلى عن هدفها بضم الجزيرة للأراضي الصينية، لكنه سوف يسمح لها بالتركيز بشكل أكبر على القضايا العاجلة الملحة الأخرى، مثل انتعاشها الاقتصادي في حقبة ما بعد كوفيد، والمخاوف الدبلوماسية والأمنية الأخرى التي تختمر على طول حدودها، من الهند وكوريا الشمالية إلى بحر الصين الجنوبي، واستغلال انشغال الولايات المتحدة بأحوال أوروبا وكبح جماح "بوتن"، والعمل على فرض نفسها كقوة عظمى في عالم جديد متعدد الأقطاب، تستطيع خلاله التعايش مع الأحوال المضطربة بشكل يضمن لها الاستقرار.


48