في 17 إبريل 2023، نشر الموقع الرسمي للإذاعة الوطنية العامة الأمريكية (NPR) مقالا حول الوضع الحالي في السودان، تتضمن تعليقا من جيفري فيلتمان، المبعوث الأمريكي الخاص السابق للقرن الأفريقي والخبير الزائر في مؤسسة بروكينغز الأمريكية. يصف فيلتمان العلاقة التي كانت تجمع بين الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة قائد الجيش السوداني، ونائبه الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) قائد قوات الدعم السريع، قبل اندلاع النزاع الجاري ومنذ الإطاحة بنظام عمر البشير في عام 2019، على أنها "شراكة مصالح متبادلة" استندت إلى تقويض تطلعات المدنيين للحكم في البلاد.
غير أن هذه الشراكة لم تحدد تفاصيل ديناميكيات مستقبل العلاقة بين القائدين ومؤسستيهما، أو بحسب تعبير فيلتمان: "لم تحدد هذه الشراكة من سينتهي به الأمر إلى القمة". تجلى غياب رؤية توافقية حول هذه النقطة، في النزاع الحالي المدفوع إلى حد كبير بالخلاف حول آلية ضم قوات الدعم السريع داخل القوات المسلحة. ويوضح فيلتمان "إن ما يحدث الآن هو قتال حتى الموت من أجل تحديد صاحب اليد العليا بينهما".
يذكر بعض الخبراء أنه كان من المتوقع انتهاء شراكة المصالح المؤقتة بين القائدين العسكريين في شكل نزاع عنيف حول السلطة. من بين هؤلاء الخبراء، مارينا بيتر، المنسقة الأوروبية لمنتدى السودان، التي ذكرت في مقابلة مع دويتشه فيله، 17 إبريل 2023، أنه كان من الواضح أن أحدهم سيدعي القيادة لنفسه. تضيف مارينا: "بالنسبة للمراقبين الغربيين، وخاصة بالنسبة للسودانيين أنفسهم، لم يكن السؤال هو ما إذا كان سيكون هناك صراع على السلطة، ولكن متى. كانت الكارثة متوقعة". يؤكد على ذلك كاميرون هدسون، الخبير في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS) الأمريكي، قائلا "كلا الجانبين يرى الآخر كتهديد وجودي. لقد كانوا متلهفين لهذه المعركة منذ فترة طويلة"، (بوليتيكو، 17 إبريل 2023).
وفقا لهدسون، فإن هذا الخلاف كان نشطا ويتم الإعداد له في الكواليس الأمنية منذ فترة طويلة، موضحا أن "هناك الكثير من الاستياء المكبوت بين الطرفين، ما لا ينذر بنهاية سريعة للقتال". واستمرارا في جانب احتمال أن يطول أمد الصراع الجاري، أوردت وكالة رويترز في 18 إبريل 2023، سببا آخر قد يؤدي إلى ذلك، وهو القدرات العسكرية للطرفين. تذكر الوكالة: "في حين أن الجيش أكبر حجما ولديه قوة جوية، فإن قوات الدعم السريع منتشرة على نطاق واسع داخل أحياء الخرطوم ومدن أخرى، ما يعني أن أيا من الفصيلين لا يمتلك القدرة على تحقيق نصر سريع".
أما فيما يتعلق بردود الأفعال الدولية، فقد نقلت بوليتيكو في 17 إبريل 2023، عن مسؤولين في الإدارة الأمريكية طلبوا عدم الإفصاح عن هويتهما، ناقشوا توجهات واشنطن بخصوص الأزمة الجارية. قال أحدهما إن "جميع الخيارات مطروحة على الطاولة" لإجبار الجانبين على وقف القتال، ورفض التعليق عندما سئل عما إذا كان ذلك يشمل خيارات عسكرية. وقال المسؤول الثاني إن "100 بالمئة" من التركيز ينصب على الأساليب الدبلوماسية لإقناع الجانبين بوقف القتال على الفور.
في المقابل، نقلت صحيفة غلوبال تايمز الصينية في 16 إبريل 2023، آراء خبراء صينيين حول الصراع الجاري في الداخل السوداني، من بينهم سونغ وي، الأستاذة في كلية العلاقات الدولية والدبلوماسية بجامعة بكين للدراسات الأجنبية، التي قالت إن "العقد الاجتماعي للسودان يستند على الروابط القبلية والقرابة العرقية، مما يجعل من الصعب للغاية التوفيق بين النزاعات بين الجماعات العسكرية والأحزاب السياسية".
أشارت سونغ إلى أنه في السنوات الأخيرة، صعدت الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، من الرهان على التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأفريقية، وفرضت عليها نموذجا صممته الدول الغنية للدول الأفريقية. توضح سونغ أن الصراعات الاجتماعية في البلدان الأفريقية تأججت بسبب سوء تكيفها مع النموذج الذي صممه الغرب، فضلا عن تضارب المصالح الغربية في القارة.
الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء المتقاعد أمين إسماعيل مجذوب أكد لبي بي سي أن في 17 أبريل 2023 ، أن هناك ثلاثة سيناريوهات محتملة:
السيناريو الأول: انتصار الجيش السوداني والقضاء على قوات الدعم السريع، لتنتشر قوات الجيش في كافة المناطق والأحياء وعودة الأمن القومي السوداني والحياة لطبيعتها ولكن بشكل جديد.
السيناريو الثاني: وقف لإطلاق النار بعد تدخل الوساطات من الدول الشقيقة والصديقة وبالتالي تبدأ عملية التفاوض حول النقاط الأساسية بالإضافة إلى المحاكمات العسكرية انتهاءاً بدمج قوات الدعم السريع المتبقية مع قوات الجيش السوداني.
السيناريو الثالث: وقف إطلاق النار وعودة الجميع للتسوية، ومن الممكن عدم وجود قوات الدعم السريع كطرف رئيسي في العملية التفاوضية، إضافة إلى دخول طرف آخر من القوى السياسية الأخرى مع تعديل المشروع السياسي، وذلك للذهاب لفترة انتقالية جديدة بشكل ديمقراطي وصولاً للانتخابات السودانية.
تضيف بي بي سي قائلة أن استمرار القتال قد يؤدي إلى المزيد من الاضطرابات وإلى تفاقم الأزمة السياسية في البلاد. وسيكون من الصعب على الدبلوماسيين الذين لعبوا دوراً حاسما في الحث على العودة إلى الحكم المدني، إيجاد طريقة لإقناع الجنرالين بخوض محادثات. وفي غضون ذلك، سيجد السودانيون أنفسهم أمام مرحلة أخرى من عدم اليقين.
من جانبها كتبت صحيفة العرب التي تصدر في لندن في عددها الصادر 19 أبريل، قائلة: إن غالبية ردود الفعل الدولية والعربية المعلنة على الصراع الدائر في السودان بين البرهان حميدتي تكشف عن درجة عالية من التساوي في مستوى التعامل مع كليهما، ما يفقد البرهان افتراضا سياسيا وعسكريا سعى لتثبيته بالإيحاء بأنه يقود مؤسسة أكثر شرعية ويخوض مواجهة ضد متمرّدين وخارجين عن الشرعية. وقد بدأت الردود التي حملتها تصريحات ومواقف دول عديدة تزعج البرهان أكثر من حميدتي، حيث يبدو أن الأول على وشك فقدان ورقة كان يعتقد أنها سوف تؤدي إلى حصوله على تأييد إقليمي ودولي واسعين. وحتى الدول التي قيل إن للبرهان علاقات قوية معها بحكم وجوده على رأس المؤسسة العسكرية لم تعلن انحيازا واضحا له، وعلى العكس جاءت مواقفها متسقة مع جملة المواقف الدولية والأممية المحايدة.
تقول الصحيفة إن هذه النتيجة تعني الكثير بالنسبة إلى حميدتي الذي قامت رؤية الجيش على أنه لا يحظى هو وقوات الدعم السريع بشرعية في المؤسسة العسكرية ومن الواجب قتاله. ومن شأن عدم التفاعل الدولي مع هذا التصنيف أن يقود إلى خيبة أمل وقلق كبير لدى قائد الجيش، ما يؤكد أن خصمه يمتلك من الأدوات ما يبعده عن أن يصبح خيارا سودانيا منبوذا. وظهرت هذه الازدواجية في مجموعة كبيرة من الاتصالات التي جرت الأيام الماضية من جانب مسؤولين كبار في دول مختلفة، وجميعهم حرصوا على تبني فكرة التوازن والتعامل بنفس المسافة بين البرهان وحميدتي، ما يدل على أنه لا أحد تمكّن من هزيمة الآخر بالضربة القاضية، وأن التغيرات السريعة على الأرض ربما لا تمكّن أحدهما من الحسم سريعا.
ونشر موقع اندبندنت عربية مقالا لمنى عبد الفتاح، بعنوان: ماذا لو امتدت شرارة الصراع السوداني إلى خارج الحدود؟ جاء فيه: إذا كانت للنزاعات المسلحة بمختلف مواقعها الجغرافية انعكاسات وارتدادات إقليمية من خلال تأثيراتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية المباشرة وغير المباشرة فإنها في حال الدول الأفريقية والسودان خصوصاً تنطوي على عواقب أكثر منها تأثيرات، والأمثلة على وجود ما يترتب على النزاع السوداني - السوداني حاضرة من التجارب القريبة، حتى أنها تخطت مسارات محددة يؤثر من خلالها النزاع في دول الجوار. وبحكم تعرض السودان الطويل للحرب الأهلية في جنوبه وغربه، فإنه من السهل افتراض تأثيرات فعلية للنزاع الحالي حتى لو جاءت هذه المرة مبرأة من الغموض الذي اكتنف علاقات السودان مع دول الجوار خلال نزاعاته السابقة. ومن ناحية أخرى فإن السودان يتأثر هو الآخر بنمط عدم الاستقرار الإقليمي، أما التأثير في المجالات غير العسكرية فهناك قضايا اللجوء والتأثير في الاقتصاد والتجارة والأمن الغذائي والإنفاق العسكري وغيرها، مما ينعكس سلباً على تنمية البلاد المتعثرة، وكما هو معلوم فإنه كلما انخفض مستوى دخل البلد زادت الآثار السلبية للنزاع في تنميته، وامتدت إلى خارج الحدود مستندة إلى المسافة بين الدولتين والتلاقي اللغوي أو الديني أو الإثني.