تستعد موسكو والرئيسُ فلاديمير بوتين لزيارة يقوم بها شي جين بينغ، في إطار جهود بكين لتعزيز محادثات السلام لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، واعتبرت تقاريرُ أن أحد أهداف زيارة شي، هو حث روسيا على عدم استخدام الأسلحة النووية.
وقد لفتت صحيفةُ تشاينا تايمز التايوانية إلى أن زيارة بينغ مازالت قيد التحضير ولا يوجد تاريخ محدد لها بعد، قد تكون في أبريل أو مايو، عندما تحتفل روسيا بذكرى عيد النصر في الحرب العالمية الثانية، أو عيد النصر على النازية، وكان قد وصف بوتين الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بأنه نازي في الاحتفال بالذكرى الـ 77 لانتصار الحرب الوطنية العظمى العام الماضي.
وكالة أخبار هونغ كونغ قالت إنه في 30 ديسمبر 2022، أجرى رئيسا الصين وروسيا محادثة فيديو، ودعا خلالها الرئيسُ الروسي فلاديمير بوتين نظيره الصيني لزيارة موسكو في ربيع عام 2023. على الرغم من أن البلدين لم يصرحا عن أي معلومات أخرى منذ ذلك الحين، فقد حدثت تطورات في الآونة الأخيرة.
في 30 يناير، أفادت وسائلُ الإعلام الروسيةُ أن وانغ يين، عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ومدير مكتب اللجنة المركزية للعلاقات الخارجية، سيزور موسكو في 20 فبراير لإجراء مناقشات مع روسيا. وسيلتقي خلالها مع بوتين وذلك لبحث الاستعدادات لزيارة الرئيس الصيني لروسيا، وفي اليوم نفسه، صرحت وزارةُ الخارجيةِ الروسية أن بوتين دعا الرئيسَ الصيني شي جين بينغ لزيارة موسكو في الربيع، وستكون هذه الأولوية الرئيسية في العلاقات الروسية الصينية.
وتابعت الوكالةُ الصينية أنه مقارنة بإعلان روسيا رفيع المستوى، اختارت الصين أن تظل بعيدة عن الأنظار. في الأول من فبراير، في المؤتمر الصحفي لوزارة الخارجية الصينية، طرح أحد المراسلين سؤالاً: وفقاً لوسائل الإعلام الروسية، سيزور القادة الصينيون موسكو هذا الربيع. هل بالإمكان تأكيدها؟ رداً على ذلك، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية ماو نينغ إن الصين وروسيا على اتصال وثيق على مختلف المستويات لتعزيز تنمية العلاقات الثنائية والإسهام في الحفاظ على السلام والتنمية في العالم.
وقالت الوكالة: يتضح من ذلك، أن كلاً من بكين وموسكو تتبنى شكلاً مختلفاً من التعبير في تقديم العلاقات الصينية الروسية إلى العالم الخارجي؛ الجانب الروسي يحظى بدعاية كبيرة ولا يتردد عن المبالغة، بينما الجانب الصيني يتحفظ على تحركاته، ويرجع اختلاف ذلك بين الصين وروسيا إلى اختلاف مواقع البلدين؛ بالنسبة لروسيا، فقد أصبحت عدواً للغرب بسبب الحرب ولا يمكنها الاعتماد إلا على الشرق لطلب الدعم. على الرغم من أن بكين لا تقدم مساعدات عسكرية ولا تعترف بسيادة روسيا على الأراضي المحتلة في أوكرانيا، إلا أن موسكو ليس لديها رأس مال لمواجهة خصومها وهي مترددة في محاربة الولايات المتحدة وحدها، وتأمل في المشاركة مع الصين.
ولفتت الوكالة إلى أنه في حال زيارة بينغ روسيا، فإن الهجوم الذي بدأه الغرب على الصين بأنها تدعم العدوان والحرب سوف يتسبب في تأجيج الرأي العام ضد الصين وروسيا، وبالرغم من أن الصين لن تتخلى عن روسيا بسبب ذلك، إلا أن تكلفة الرأي العام لا يمكن تجاهلها، لذلك تظل بكين بعيدة عن الأضواء.
في حين أن هناك بعضَ التغيرات حول ما إذا كان بينغ سيزور روسيا ومتى يقوم بذلك قبل أن تصدر الصين إعلاناً رسمياً، فإن روسيا ترى الزيارة شبه مؤكدة، وبالتالي فإن احتمال الزيارة مرتفع للغاية. في مثل هذه الظروف، من المرجح أن تتحقق التكهنات بشأن المحتوى المحتمل للمحادثات بين رئيسي الصين وروسيا.
الأولوية ستكون لموضوع الحرب الروسية الأوكرانية. بالنظر إلى أن الوضع فيما يتعلق بالرأي العام الروسي لا يزال صعباً، إذا قام بينغ بزيارة روسيا بالفعل هذا الربيع، بغض النظر عن مدى تحسن مستوى التعاون الصيني الروسي، فإن الصين لن تعلن عن مساعدات عسكرية لروسيا ولن تعترف بالمساعدات العسكرية الروسية.
ولكن قد يكون هناك تحول محتمل في أواخر الربيع، مما يعني أنه بعد هجمات الربيع من قبل الجيوش الروسية والأوكرانية في مارس وأبريل، فقد تكون هناك فترة تهدئة بين روسيا وأوكرانيا من نهاية أبريل إلى مايو. إذا قام بينغ بزيارة روسيا في مارس وأبريل، فمن المحتمل أن يتحدث إلى بوتين حول الخطوة التالية بعد معركة شرسة.
كما سيناقش الرئيسان خلال اللقاء المزمع عقده، مشاريعَ جديدةً تتعلق بالتعاون بين البلدين. ومهما كانت تطورات الحرب، سوف يستمر التعاون. وفقاً لبيانات الجمارك الصينية، سيقترب حجم التجارة الصينية الروسية في هذا العام 2023 من 190 مليار دولار أمريكي، وهو رقم قياسي. ووفقًا لبيانات شركة غازبروم، ستزيد واردات الصين من الغاز الروسي عبر خط أنابيب سيبيريا باور بنسبة 50%.
أما نيويورك تايمز الأمريكية بنسختها الصينية فقد قالت: التقى الرئيس الروسي بوتين بكبير مسؤولي السياسة الخارجية الصينية وانغ يي في الكرملين، في محاولة للاحتفاظ بدعم الصين في الوقت الذي تشرع فيه بكين في سلسلة من التحركات الدبلوماسية الأوروبية.
أخبر بوتين وانغ أنه يتطلع إلى الترحيب بصديقه" الرئيس الصيني في روسيا قريباً، لكنه قال إن الاجتماع لم يتأكد بعد. ورد وانغ يي بأن تعميق العلاقات مع روسيا يظل أولوية قصوى للصين. وبحسب ترجمة روسية لخطاب وانغ، قال وانغ لبوتين "علاقتنا ليست موجهة أبداً ضد طرف ثالث". "لقد صمدت علاقتنا في وجه ضغط المجتمع الدولي وتطورت بشكل مستقر للغاية".
وعندما التقى بوتين ووانغ، كان الرئيس بايدن في وارسو يلتقي بأعضاء الناتو على الجانب الشرقي للحلف في عرض للتضامن.
وقد حذر المسؤولون الأمريكيون من أن الصين قد تسعى إلى دعم روسيا بالأسلحة، ولكن لم يرد ذكر لأوكرانيا أو أسلحة خلال الجزء المتلفز الذي استمر سبع دقائق من لقاء وانغ يي مع بوتين. وفي مؤتمر ميونيخ قال وانغ يي خلال لقائه وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، فيما يتعلق بقضية أوكرانيا، وقفت الصين دائماً إلى جانب السلام والحوار، وأضاف: "لا نريد أن نرى أزمة أوكرانيا تستمر وتتوسع".
لكن حتى في ذلك الاجتماع، لم تستخدم تعليقات وانغ كلمات مثل الحرب أو الغزو لوصف القتال في أوكرانيا. أثناء وجوده في موسكو، قد يكون وانج يي أكثر تردداً في فضح أي خلافات عميقة بين الصين وروسيا.
وجاء في وكالة انترفاكس الروسية أنه من المتوقع أن يزور الرئيس بينغ موسكو، بعد انتهاء الدورة العادية للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، حسبما قال الرئيس فلاديمير بوتين في اجتماع مع وانغ يي، رئيس مكتب اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني. وقال بوتين بالطبع، نحن ننتظر زيارة رئيس جمهورية الصين الشعبية لروسيا، وقد اتفقنا على ذلك في وقت سابق.
خلاصة:
يتضح مما سبق أن روسيا والصين تتخذان في علاقتهما أبعاداً أكثر اقتصادية تتجاوز التعاون العسكري. كما يتضح من لهجة التخوف الصيني من تأثير الدعاية الغربية على تشكيل رأي عام مناهض لبكين.
وقد يكون اللقاء بين الرئيس الصيني والروسي بدايةً لرسم خارطة جديدة بين البلدين تتجاوز الحرب لترسم استراتيجيةً للعلاقات بين دول البريكس ومنظمة شانغهاي للتعاون، بما يعزز سياسة تعدد الأقطاب.