أ ف ب - أعلنت كوريا الشمالية أنها وضعت بنجاح في المدار قمراً اصطناعياً للتجسّس، متحدّية بذلك قرارات الأمم المتحدة التي تحظر عليها استخدام تقنيات الصواريخ البالستية، في خطوة دانتها بشدّة طوكيو وواشنطن.
وقالت وكالة الأنباء الكورية الشمالية إنّ صاروخاً يحمل القمر الاصطناعي انطلق ليل الثلاثاء من مقاطعة شمال فيونغان وحلق على طول مساره المحدد ووضع بدقة قمر الاستطلاع الاصطناعي "ماليجيونغ-1" في مداره.
وأضافت الوكالة أن جمهورية كوريا الشعبية الديموقراطية (التسمية الرسمية لكوريا الشمالية) تعتزم إطلاق مزيد من الأقمار الاصطناعية "خلال فترة زمنية قصيرة" بغية تعزيز قدراتها على مراقبة كوريا الجنوبية.
وشدّدت الوكالة على أن "إطلاق قمر اصطناعي للتجسّس هو حقّ مشروع لجمهورية كوريا الشعبية الديموقراطية بغية تعزيز قدراتها للدفاع عن نفسها" في وقت تواجه ما تعتبرها تهديدات من جانب كوريا الجنوبية والولايات المتحدة.
والأربعاء، أعلنت كوريا الجنوبية أنّها علّقت جزئياً اتّفاقاً عسكرياً مبرماً في 2018 مع كوريا الشمالية وقررت استئناف عمليات المراقبة على طول الحدود بين البلدين، وذلك ردّاً على إطلاق بيونغ يانغ القمر الاصطناعي.
وقال متحدّث باسم الحكومة الكورية الجنوبية إنّ "الاتّفاق العسكري تمّ تعليقه جزئياً"، مشيراً إلى أنّ "الإجراء المتبقّي هو أن تقوم وزارة الدفاع بإخطار كوريا الشمالية، لكن بما أنّ خطوط الاتّصال مع كوريا الشمالية مقطوعة، فإنّ وزارة الدفاع ستعلن عن ذلك فحسب".
وقال فرحان حقّ المتحدّث باسم العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش في بيان إنّ "الأمين العام يدين بشدّة إطلاق جمهورية كوريا الشعبية الديموقراطية قمراً اصطناعياً عسكرياً آخر باستخدام تكنولوجيا الصواريخ البالستية"، مشدّداً على أنّ أيّ استخدام من جانب بيونغ يانغ "لتكنولوجيا الصواريخ البالستية يتعارض مع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة".
كما ندّدت طوكيو وواشنطن بعملية الإطلاق هذه، وقال رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا: "حتى لو سمّوه قمراً اصطناعياً، فإن إطلاق شيء يستخدم تكنولوجيا الصواريخ البالستية يُعدّ انتهاكاً واضحاً لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة"، مؤكّداً أنّه يدين "بأشد العبارات" إطلاق الصاروخ.
وندّد البيت الابيض بشدّة بالخطوة الكورية الشمالية، معتبراً إياها "انتهاكاً صارخاً" لعقوبات الامم المتحدة، وقالت المتحدثة باسم مجلس الامن القومي في البيت الابيض ادريان واتسون إن إطلاق هذا الصاروخ "يؤجج التوترات وأخطار زعزعة استقرار الوضع الامني في المنطقة وخارجها"، مضيفة أن "باب الدبلوماسية ليس مغلقاً ولكن على بيونغ يانغ أن تكفّ فورا عن افعالها الاستفزازية".
وهذه المحاولة هي الثالثة التي تقوم بها كوريا الشمالية بعدما فشلت مرّتين في وضع قمر عسكري في مداره في أيار/مايو وآب/أغسطس الماضيين.
وبعيد الإطلاق، أصدرت اليابان تحذيرا بالإخلاء لسكان منطقة أوكيناوا لكنها سرعان ما رفعته قائلة إن الصاروخ الكوري الشمالي "عبر المحيط الهادئ".
وكانت كوريا الشمالية حدّدت في آب/أغسطس ثلاث مناطق بحرية من المحتمل أن تتأثر بعملية الإطلاق التي كان مخطّطاً لها في ذلك الوقت، اثنتان منها في البحر الأصفر غرب شبه الجزيرة الكورية والثالثة في المياه شرق الفيليبين.
ونقلت وكالة يونهاب للأنباء عن مسؤول كوري جنوبي قوله إنّ "مناطق الخطر التي ذكرتها كوريا الشمالية هذه المرة تتوافق مع تلك التي أعلنت خلال مشروع إطلاق القمر الاصطناعي في آب/أغسطس".
إجراءات مضادة
وكانت سيول حذّرت منذ أسابيع من أنّ بيونغ يانغ بلغت "المراحل الأخيرة" من الاستعداد لإطلاق جديد لقمر اصطناعي لأغراض التجسّس.
وحذّر الجيش الكوري الجنوبي الإثنين كوريا الشمالية بأن توقف "على الفور" استعداداتها لإطلاق القمر، مهدّداً بيونغ يانغ بأنّه سيتخذ "الإجراءات الضرورية" إذا لزم الأمر.
وقال يانغ مو جين من جامعة الدراسات الكورية الشمالية في سيول إنّ الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول يمكنه بالتالي "تعليق اتفاق 19 أيلول/سبتمبر العسكري".
ويهدف الاتفاق الذي أبرم في العام 2018 خلال قمة عُقدت في بيونغ يانغ، إلى خفض التوترات العسكرية على طول الحدود بين الكوريتين، من خلال إنشاء "مناطق عازلة" بحرية.
وأضاف يانغ أنّه "ليس من المستبعد" أن تُجري سيول اختبارات على صواريخ بالستية تعمل بالوقود الصلب متوسطة أو بعيدة المدى.
ويثير تقارب كوريا الشمالية الأخير مع روسيا قلق الولايات المتحدة وحلفائها في كوريا الجنوبية واليابان، ووفقاً لسيول، فإنّ بيونغ يانغ تزوّد موسكو بأسلحة مقابل حصولها على تكنولوجيات الفضاء الروسية لوضع قمر اصطناعي للتجسّس العسكري في المدار.
وندّد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مطلع تشرين الثاني/نوفمبر بعد زيارته كوريا الجنوبية، بالعلاقات العسكرية "المتنامية والخطرة" بين بيونغ يانغ وموسكو.
حاملة طائرات أميركية
وتخشى الدول الغربية من أن تستغلّ كوريا الشمالية قدرات الإطلاق الفضائية لتطوير قدراتها في مجال الصواريخ البالستية التي مُنعت بيونغ يانغ منها بموجب عقوبات الأمم المتحدة.
وأجرت كوريا الشمالية عدداً قياسياً من تجارب الأسلحة هذا العام، رغم العقوبات الدولية وتحذيرات الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية وحلفائهما.
والأسبوع الماضي، أعلنت أنّها أجرت بنجاح اختبارات أرضية لـ"نوع جديد" من المحرّكات التي تعمل على الوقود الصلب لصواريخها البالستية المتوسطة المدى المحظورة، واصفة الأمر بأنه خطوة حاسمة في "السياق الأمني الخطر وغير المستقر".
وعزّزت سيول وواشنطن وطوكيو تعاونها الدفاعي في مواجهة ذلك، كما وصلت حاملة الطائرات الأميركية "كارل فينسن" التي تعمل بالطاقة النووية إلى قاعدة بوسان البحرية في كوريا الجنوبية الثلاثاء.