في 8 مايو 2024 كتب الزميل غير مقيم في مدرسة الشؤون الأمنية والدولية بجامعة جورجيا وأستاذ كرسي (جي سي وايلي) بكلية الحرب البحرية، جيمس هولمز مقالا نشره مركز ناشيونال انترست الأميركي، بعنوان البحرية الصينية تزداد كل يوم قوة.
يقول: الأسطول البحري الصيني أصبح حراً طليقاً وهذا يشمل الأسطول الجوي، تدعمه قوة ساحلية كبيرة ، ولم يعد مقيداً بالدفاع عن المياه والأجواء الصينية، وربما يتمدد بعيداً عن السواحل ويصل إلى المحيط الهندي.
فوجيان متطورة تكنولوجيا
لقد غادرت حاملة الطائرات الصينية الثالثة ، (فوجيان Fujian) في رحلة تجريبية في الأول من مايو وهى زالت في البحر حتى الاَن وقد شهدت تطورات تكنولوجية متقدمة ، وهي تحل مكان الحاملتين (ليوننج وشاندونج) ، وتختلف عنهما بأنها مزودو بمنصات إطلاق الطائرات وهي تشبه حاملات الطائرات الأميركية بشكلها المسطح ، ولديها اَلية كهرومغناطيسية للإقلاع وكابح للهبوط.
هذه المواصفات تشير إلى أن بحرية جيش التحرير الشعبي ، قد حققت قفزة تجعلها منافساً للتقنية التي تملكها البحرية الأميركية، ويعتبر ذلك نقلة هندسية نوعية.
لقد كانت حاملة الطائرات الأميركية (جيرالد فورد) التي تم تجهيزها مؤخراً بمنصات اطلاق ومصاعد أسلحة كهرومغناطيسية قد أكملت ابحارها في أعالي البحار في عام 2017. وعلى الرغم من أن تكنولوجيا (Gee-whiz) شديدة التعقيد ، فإن المصممين الصينيين نجحوا في تخطي ذلك.
هناك نقطتان هامتان لهما علاقة بفوجيان بتصميم الأسطول، الأولى تتمركز حول التكتيكات، والثانية ترتبط بالإستراتيجية البحرية على المستوى الأرضي. أما بالنسبة لتصميم الأسطول فإن البحرية الصينية لديها الاَن حاملات طائرات كافية لإرسالها إلى البحر بحيث ترسل مجموعة أو أثنين إلى البحر إذا ما أمرت القيادة بذلك.
تقديرات البنتاغون
ويقدر البنتاغون أنه يتوجب ارسال 1.5 حاملة طائرات لكي يكون هناك وجود دائم في اليابان أخذين في الاعتبار عوامل الصيانة والتدريب والتموين، وهو ما يعني أن البحرية الصينية أصبحت تمتلك قدرات استراتيجية جديدة، تحت أمرة قيادة الحزب الشيوعي الصيني في بكين. علاوة على ذلك يمكن ان تستخدم القيادة الصينية الأسطول بكفاءة خلال الحرب.
ومن المسائل التي تستحق المراقبة أيضاً، انفتاح الصينيين على التجارب في مجال الصناعات البحرية والصواريخ الموجه والمدمرات ، حيث يقوم الصينيون بصناعة سفن صغيرة وإرسالها إلى البحرية لتجربتها في البحر، ثم القيام بالتعديلات المطلوبة وفقاً لأفضل النظم.
ملبية لطموحات بكين
قد يجد الصينيون ( فوجيان) ملبية لطموحاتهم، صحيح أنها ليست مثل الحاملتين الأميركيتين ( نيمتز وفورد) ولا تعمل بالوقود النووي ، لكنها على الأقل ترضي طموحات القادة الصينيون كما تحقق مهما كان تواضعها ، تطلعات الصين للتواجد في المحيط الهندي الباسيفيكي بجانب الولايات المتحدة الأميركية.
إن بناء السفن هو تعبير عن الأفكار وما سوف تقوم الصين ببنائه في المستقبل وهو يعكس طموحاتهم وتصورهم للمستقبل، وما يرشح من خلال الذين على دراية بقدرات كل من الأسطولين الأميركي والصيني، يعتقدون أنه ليس على الولايات المتحدة أن تقلق بسبب صغر الأساطيل الصينية.
ففي معارك تبعد كثيرا عن السواحل، من المؤكد أن التفوق هو إلى جانب الأسطول الأميركي، فالحجم الكبير يعني القدرة على اطلاق نيران أكثر في ساحات المعركة، وهو ما يشير إلى أن الحجم الكبير للأساطيل الأميركية له ميزة.
في الوقت ذاته، فإن تعدد المواصفات الفنية، يعتبر أمرا خطرا لحساب القدرات العسكرية ، فالمعارك لا تحدث على الورق، ولكن في العالم الواقعي وعلى الأرض، حيث يحاول كل طرف فرض إرادته على الأخر.
إن المقارنة بين حاملات الطائرات إن المقارنة بين حاملات الطائرات في حرب المياه الهندية الباسيفيكية، تبدو غير مناسبة بالنسبة لحرب مستقبلية. ومن قراءة أطلس الخرائط يبدو أن المسرح القادم للحرب سيكون في مضيق تايوان وبحر الصين، وهو مكان لا تحتاج فيه الصين لقوة نيران هجومية كبيرة، وفي هذه المنطقة أن تحدث حربا بحرية فقط، فالبحرية الصينية سوف تستخدم الطائرات من قواعدها علاوة على صواريخها المحصنة في الساحل والتي سوف تدعم قوة الاسطول البحري، وهي على كل حال قوة نيران متعددة سواء كانت من البر أو البحر.
قوة النيران هي الأهم
إن من المهم هو أن تتوفر لك قوة نيران في مسرح العمليات لمواجهة العدو وما ينشره من أسلحة ، والأمر الأهم هو مدي قدرة حاملات الطائرات الأميركية على مواجهة قوة النيران الصينية المشتركة ، وقد تستطيع البحرية الصينية انجاز مهاهما في مسرح العمليات ، إذ أن حجم حاملة طائرات شبيه بالأميركية ليس مهماً بالنسبة للصينيين كافية.
في رسالته السنوية للكونغرس عام 1907 شرح الرئيس ثيودور روزفلت العلاقة بين مهمة الاسطول في الدفاع عن السواحل، وقال للمشرعين إنه خلال الحروب يجب على الاىسطول أن لا يحمي السواحل فقط، وأن الاستخدام الجيد للأسطول هو للهجوم وتحريره ليقوم بمهمته الحقيقية ، فالمدن الساحلية يجب أن تعتمد في الدفاع على الألغام والطوربيدات والغواصات وزوارق الطوربيد والمدمرات وهي كافية ، وهي لا تصلح في الهجوم . قال أيضا إن الحرب يمكن كسبها بالضربات الهجومية القوية، والبحرية هي الوحيدة القادرة على ذلك، ولكن بناء الدفاعات مهم حتى تنطلق البحرية وتعمل بحرية.
الصين ومنطق روزفلت
لقد اعتبرت الصين منطق روزفلت في استخدام دفاعات السواجل ودور حاملات الطائرات مرحلة بدائية ، من حيث زرع الألغام والطوربيدات التي يمكن أن تعمل بالقرب من السواحل الأميركية، ، فالصين اليوم يمكن أن تطلق قذائف من على بعد الألاف من الأميال إلى الأراضي الأميركية، أو أراضي الحلفاء بدقة متناهية، ولم يكن في استطاعت روزفلت أن يقدر ف الوقت هذه التطورات.
مع الظروف الحالية في شرق اَسيا، وكلما زاد اعجاب القادة الصينيون بقدراتهم الدفاعية، ، فإن البحرية الصينية سوف تتاح لها حرية الحركة، وربما يفكر القادة في بكين في استخدام الوقود النووي في اسطولهم، خاصة إذا ما فكروا في تمديد عملياتهم بعيداً عن السواحل الصينية ومنافسة أميركا في هذا الجانب.
وبعيداً عن القوة النارية ، فإن مثل هذا التطور يوضح مدى القوة الدبلوماسية للصين في العالم وكذاك قوتها العسكرية، وما يمكن أن يظهره أداء ( فوجيان) سوف يتحدث عن مسار وقوة الصين البحرية في المستقبل.
فوجيان في الإعلام الغربي
وفق يورونيوز : ُنظر إلى "فوجيان"، التي تعدّ أول سفينة من نوعها يتم تصميمها وتصنيعها في الصين، على أنها علامة فارقة في جهود البلاد لتوسيع مجال قواتها البحرية. وقالت "سي سي تي في" إن السفينة انفصلت عن رصيفها في حوض بناء السفن في شنغهاي عند الساعة الثامنة صباحًا بتوقيت بكين، في تجربة تهدف إلى اختبار أنظمة الدفع والأنظمة الكهربائية الخاصة بالحاملة. ويبلغ وزن "فوجيان" بالكامل 80 ألف طن.
يُعتقد أن قدرات السفينة، وهي من النوع 003، المجهزة بأحدث الأسلحة وتكنولوجيا إطلاق الطائرات، تنافس قدرات حاملات الطائرات الغربية، حيث تسعى بكين إلى الاستثمار في هذا المجال وتحويل قواتها البحرية وهي الأكبر في العالم بالفعل، إلى قوة متعددة الحاملات. وكانت أول حاملة طائرات صينية عبارة عن سفينة سوفياتية أعيد استخدامها، أما الثانية فقد تم بناؤها في الصين ولكن بناءً على تصميم سوفياتي. وتم بناؤهما لاستخدام ما يسمى بطريقة إطلاق "القفز التزلجي" للطائرات، مع وجود منحدر في نهاية المدرج القصير لمساعدة الطائرات على الإقلاع.
في سياق المقارنة بين حاملات الطائرات الأميركية وفوجيان، تقول سي ان ان عربية ، إن نظام الدفع (المقلاع) الكهرومغناطيسي يضع فوجيان على قدم المساواة مع أحدث حاملة طائرات تابعة للبحرية الأمريكية، "يو إس إس جيرالد آر فورد"، التي تعتبر القطعة البحرية الوحيدة في العالم التي لديها هذا النظام، في حين تعتمد أقدم 10 حاملات طائرات تابعة للبحرية الأمريكية، فئة نيميتز، على المقاليع التي تعمل بالبخار لإطلاق الطائرات. مع ذلك، ستحتفظ جميع حاملات الطائرات الأمريكية بميزتين رئيسيتين مقارنة بفوجيان تتمثلان بالقوة والحجم. تعمل حاملات الطائرات الأمريكية بالطاقة النووية، مما يمنحها القدرة على البقاء في البحر طالما استمرت مؤن الطاقم، في حين تعمل الحاملة فوجيان بالوقود التقليدي، مما يعني أنه يجب عليها العودة لميناء أو أن تقابلها ناقلة في البحر للتزود بالوقود.
أما بالنسبة لميزة حجم الحاملة الأمريكية مقارنة بفوجيان، فإن الحاملة فورد تحمل 100 ألف طن والسفن العشر من طراز نيميتز الأمريكية 87 ألف طن متري، ويمكن لحاملات الطائرات الأمريكية الأكبر حجمًا أن تستوعب عددًا أكبر من الطائرات، حوالي 75 مقارنة بـ 60 طائرة متوقعة في فوجيان، وفقًا لتقديرات مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية (CSIS).
خلاصة
لقد عززت الصين قواتها البحرية على نحو كبير في السنوات الأخيرة، مع سعيها إلى توسيع نطاق وجودها في المحيط الهادئ وتحدي التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة. وتصاعد التوتر بشكل ملحوظ في بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه، حيث تؤكد الصين أحقيتها بالسيادة عليه بالكامل تقريباً، وفي محيط جزيرة تايوان ذات الحكم الذاتي؛ حيث نشرت حاملة الطائرات شاندونغ.
ووصف تقرير أصدرته خدمة أبحاث الكونغرس في يناير 2024، نقلاً عن وزارة الدفاع، قوات البحرية الصينية بأنها الأكبر في العالم، متوقعاً أن تنمو لتضم 435 سفينة بحلول عام 2030. وقال التقرير إن زيادة القطع البحرية تهدف إلى التعامل مع الوضع مع تايوان عسكرياً إذا لزم الأمر... وتحقيق درجة أكبر من السيطرة أو الهيمنة على منطقة البحار القريبة من الصين، خاصة بحر الصين الجنوبي. وأضاف أن الصين تريد أن تكون قواتها البحرية قادرة على ردع التدخل الأميركي في حال نشوب نزاع في منطقة البحار القريبة من الصين بشأن تايوان أو أي قضية أخرى، أو إذا فشلت في ذلك أن تتمكن من تأخير وصول القوات الأميركية أو التقليل من فاعلية القوات الأميركية المتدخلة.
بعض المعلومات عن حاملة الطائرات “فوجيان”:
المواصفات:
• الأبعاد: طولها يبلغ 320 مترًا وعرضها 73 مترًا.
• الإمكانيات: تستطيع حمل طائرات مقاتلة بأجنحة قابلة للطي، وطائرات بدون طيار ثابتة الجناحين، وطائرات إنذار وتحكم مبكر.
• نظام الإطلاق: تستخدم نظام إطلاق الطائرات بواسطة “منجنيق”، وهو نظام يقترب بسرعة من التكنولوجيا الأمريكية.
الأهمية:
• تمثل “فوجيان” تطورًا مهمًا في قدرات الجيش الصيني وتنافس قدرات حاملات الطائرات الغربية.
• تعزز قوة الصين البحرية وتسعى بكين لتحويل قواتها البحرية إلى قوة متعددة الحاملات.
الخطوة القادمة:
• من المتوقع أن تدخل الخدمة مع البحرية التابعة لجيش التحرير الشعبي الصيني في عام 2025.
• ستكون “فوجيان” وجهًا لوجه مع الأسطول السابع الأميركي الذي يضم حاملة الطائرات “يو إس إس رونالد ريغان”.