مقالات تحليلية

ليز تراس: تحديات أزمة الطاقة وارتفاع كلفة المعيشة

06-Sep-2022

بمجرد حصولها على الكرسي قالت رئيسة وزراء بريطانيا الجديدة ليز تراس: سأتعامل مع فواتير الطاقة التي يعاني منها الناس، وسأعالج المشكلات طويلة الأمد لدينا بشأن إمدادات الطاقة، وسأقدم خطة جريئة لخفض الضرائب وتنمية اقتصادنا، سأعالج أزمة الطاقة عبر الاهتمام بفواتير الطاقة لدى الناس، ولكن أيضاً من خلال الاهتمام بصعوبات إمدادات الطاقة على المدى الطويل. 

خلال حملتها لنيل زعامة حزب المحافظين اشارت إلى أنها ستلغي الزيادات الضريبية وتخفض الرسوم الأخرى، في خطوة يقول خبراء اقتصاد إنها ستزيد التضخم. كما تعهدت بمراجعة تحويلات بنك إنكلترا مع حماية استقلاله، مما دفع مستثمرين إلى التخلي عن الجنيه الإسترليني والسندات الحكومية. 

وقد سعى كواسي كوارتنغ، الذي يُرجح على نطاق واسع أن يتولى منصب وزير المالية في حكومتها تراس، إلى تهدئة الأسواق، بالقول في مقال في صحيفة فايننشال تايمز إنه سيكون هناك "بعض التيسير النقدي" في ظل إدارة تراس التي قال إنها ستتصرف "بطريقة مسؤولة ماليا". ولدى سؤاله عما إذا كان سيصبح وزيرا للمالية بعد فوز تراس، قال كوارتنغ لرويترز إنه لا يعرف.

مهام ومسئوليات صعبة

تستلم رئيسة الوزراء الجديدة مهامها في وقت تواجه بريطانيا أزمة في تكاليف المعيشة، واضطرابات عمالية، وركودا يلوح في الأفق، وهي وترث اقتصادا متداعيا، إذ بلغ التضخم أعلى مستوياته في 40 عاما. كما تواجه ضغوطا لحماية الأسر والشركات من ارتفاع تكاليف الطاقة. وقد وعدت بإعلان تفاصيل خطة للتعامل مع الأسعار المرتفعة في غضون أيام. وسيتعين عليها أيضا محاولة توحيد صفوف حزبها، المتخلف في استطلاعات الرأي والذي عانى من انقسامات أثناء العملية التي أدت إلى استقالة جونسون. (بي بي سي، 5 سبتمبر 2022).

ووفق فرانس برس تواجه تراس قائمة طويلة ومكلفة وصعبة التنفيذ من المهام، ويقول نواب المعارضة إنها نتيجة إدارة المحافظين الضعيفة على مدى 12 عاما. ودعا العديد منهم إلى إجراء انتخابات مبكرة- وهو أمر قالت تراس إنها لن تسمح به. ووصف النائب المخضرم من حزب المحافظين ديفيد ديفيس التحديات التي ستواجهها تراس كرئيسة للوزراء بأنها "ربما ثاني أصعب فترة واجهها أي رئيس للوزراء في فترة ما بعد الحرب"، بعد مارغريت تاتشر المحافظة في عام 1979. وأضاف "في الواقع لا أعتقد أن أيا من المرشحين، يدرك حقا مدى ضخامة هذا"، مضيفا أن التكاليف قد تصل إلى عشرات المليارات من الجنيهات الإسترلينية.

رحلة سياسية مبكرة

بدأت تراس رحلتها السياسية من اليسار – عندما صاحت قائلة «فليسقط النظام الملكي» - لتتحول بعد ذلك إلى اليمين، بصفتها من أشد المؤيدين لبريكست، والتي حاولت توجيه السيدة الحديدية، مارجريت تاتشر، بنفسها. وشغلت تراس ستة مناصب وزارية في ظل ثلاثة رؤساء وزراء، بما في ذلك 11 شهراً كوزيرة للخارجية. ومع ذلك، بعد سنوات من الخدمة العامة التي أمضتها، وانضمامها لنشطاء حزب «المحافظين»، اعترف العديد من البريطانيين بأنهم لا يعرفون حقاً «تراس». ليس بالطريقة التي عرفوا بها بوريس جونسون - عمدة لندن السابق، وكاتب العمود في الصحف، والخطيب الملون، والمراوغ المتسلسل - عندما تولى منصبه قبل بضع سنوات فقط، (كارلا آدم، صحيفة الاتحاد، 6 سبتمبر 2022).

في سي ان ان تُوصف تراس، بأنها "حرباء سياسية"، مع تاريخ من الآراء المتغيرة، مثلما تحولت من راديكالية تطالب بإلغاء الملكية إلى حاملة علم الجناح اليميني في حزب المحافظين المشكك في أوروبا. تراس، التي تم انتخابها لعضوية البرلمان في عام 2010، أثبتت نفسها، في فترة زمنية قصيرة نسبيًا، كقوة سياسية ذات طبيعة تسعى إلى تحقيق أجندتها بقوة لا هوادة فيها وحماس لا لبس فيه. ولكن بعد عقود من التحول شهدت تغيرًا هائلًا في وجهات نظرها الشخصية، سيتساءل الكثيرون عما تمثله زعيمة بريطانيا الجديدة بالضبط. ويتساءل الكثيرون ممن راقبوها على مر السنين عما إذا كان لدى تراس، البالغة من العمر 47 عاما، أي معتقدات صادقة على الإطلاق، أو ما إذا كانت تؤيد ببساطة ما هو الأكثر ملاءمة في وقته، (سي ان ان عربي، 5 سبتمبر 2022)

تراس، التي ظلّت وفيّة حتى النهاية لبوريس جونسون في الوقت الذي سُجّلت فيه استقالات بالعشرات من السلطة التنفيذية في بداية يوليو، ستدخل داونينغ ستريت في سياقٍ اقتصادي واجتماعي متفجّر بسبب تضخّم يتجاوز 10% وارتفاع في فواتير الطاقة يخنق العائلات والشركات والخدمات العامة. ويأتي توقيت هذه المهمة الصعبة قبل عامين من الانتخابات التشريعية، بينما تأمل المعارضة العمالية التي تتفوّق بشكل واضح في استطلاعات الرأي، في إزاحة المحافظين الموجودين في السلطة منذ العام 2010.

حملتها لقيادة حزب المحافظين لم تخل من الجدل، فبعد أن تعرضت لضغوط بشأن كيفية معالجة أزمة تكاليف المعيشة، قالت إنها ستركز جهودها على "خفض العبء الضريبي، وليس توزيع الإعانات". كما أُجبرت على إلغاء خطة لربط أجور القطاع العام بتكاليف المعيشة الإقليمية، فقد جوبهت تلك الخطة برد فعل عنيف من كبار المحافظين الذين قالوا إن ذلك سيعني منح رواتب أقل لملايين العمال خارج لندن. ووصفت تراس الوزيرة الأولى الأسكتلندية نيكولا سترجين بأنها "شغوفة بلفت الانتباه إليها"، مضيفة أنه من الأفضل "تجاهلها".

قالت تراس لـمحطة جي بي نيوز التلفزيونية: "إنه أمر محبط للغاية أن تقارن السياسيات دائما بمارغريت تاتشر بينما لا يقارن السياسيون الذكور بتيد هيث". لكن مثل هذه المقارنات ربما لا تمثل نقيصة أو نقطة سلبية عندما يتعلق الأمر بمحاولة كسب تأييد حوالي 160 ألف عضو في حزب المحافظين، (بي بي سي، 5 سبتمبر 2022).

وترى سي ان ان، من المحتمل أن تبدو حكومة تراس في نهاية المطاف شبيهة بحكومة جونسون إلى حد كبير، ولكن مع تركيز أكبر على خفض الضرائب، وربما اتخاذ موقف أكثر تشددًا تجاه أوروبا. لكنها أصبحت تتولى قيادة حزب يمزقه الاقتتال الداخلي والمعاناة في استطلاعات الرأي الشعبية في ظل الأزمات الداخلية مثل التضخم. لذلك قد تجد أن هدفها الرئيسي في جعل حزبها قادرا على إعادة انتخابه مجددا في الانتخابات العامة المقبلة بعد سنوات عديدة في السلطة، مهمة صعبة للغاية، (سي ان ان عربي، 5 سبتمبر 2022).

ماذا تعني رئيسة وزراء المملكة المتحدة الجديدة لأوروبا؟ 

تحت عنوان: ليز تراس.. ماذا تعني رئيسة وزراء المملكة المتحدة الجديدة لأوروبا؟ جاء في يورونيوز، قبل أن تصبح رئيسة وزراء، كانت تراس قد وضعت الحكومة البريطانية في مسار تصادمي مع الاتحاد الأوروبي. تشير الدلائل إلى أنه بمجرد وصولها إلى داونينغ ستريت، لن يكون التأثير طويلاً في المستقبل.

وأطلقت حملتها القيادية، وأدرجت مشروع قانون بروتوكول أيرلندا الشمالية، "في مواجهة تصلب الاتحاد الأوروبي"، ضمن العديد من الإنجازات الشخصية في الحكومة. كتب أناند مينون، مدير مركز الأبحاث بالمملكة المتحدة في أوروبا المتغيرة، في ورقة بحثت في سياسات المرشحين للقيادة المحافظة: "قد يؤدي هذا إلى حرب تجارية وسيؤدي إلى تفاقم العلاقات المتوترة بالفعل بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي".

أمام المملكة المتحدة مهلة حتى الـ 15 سبتمبر-أيلول للرد على الإجراءات القانونية، التي اتخذها الاتحاد الأوروبي بشأن فشل المملكة المتحدة في التنفيذ الكامل لفحص حدود أيرلندا الشمالية بموجب البروتوكول. ووفقا لصحيفة فايننشال تايمز، فإن تروس تفكر في تفعيل المادة 16 من البروتوكول على الفور، وهو بند يفترض أنه الملاذ الأخير يمكّن أي من الجانبين من اتخاذ تدابير "وقائية" أحادية الجانب للتغلب على الصعوبات "الخطيرة".

ووصف حلفاء تروس هذه التكتيكات بأنها "شرطة تأمين"، مؤكدين أنها تفضل حلا تفاوضيا مع بروكسل. لكن أناند مينون جادل بأنه حتى إذا تم سحب مشروع القانون، "إذا أصرت الحكومة على إعادة التفاوض بشأن البروتوكول، فمن الصعب أن نرى كيف يمكن التوصل إلى أي اتفاق، (يورونيوز، 5 أغسطس 2022)



716